languageFrançais

الحرب الروسية الاوكرانية: أقطاب عالمية ستتشكل وعلى تونس الإستعداد

تحدّث رافع الطبيب الأستاذ الجامعي والباحث في الشؤون الجيوسياسية في برنامج ''ميدي شو'' اليوم الاثنين 7 مارس 2022 عن تطور الحرب الروسية على أوكرانيا وكيفية تعاطي بقية الدول مع هذا الملف وانعكاسات ذلك على العلاقات الدولية.

وقال إنّه بعد 12 يوما من الغزو الروسي لأوكرانيا لن تقبل الدول الغربية أن تبقى هذه الوضعية على ما هي عليه اليوم بسبب الارتفاع الكبير لثمن البترول والغاز، مشيرا إلى أن هذه الحرب مكلفة وإن طالت ستبدأ جبهة الحلفاء والأصدقاء في التشقق وهو ما حدث بالفعل حيث قررت البرازيل والمكسيك الانسحاب.

"أوكرانيا لن تكون كما كانت عليه سابقا"

وتوقّع الطبيب أن لا تدوم الحرب الروسية الأوكرانية سوى أسابيع خاصة أن الجميع أصبح يدرك أن النهاية ستكون بعد انقسام المجال الوطني الأوكراني إلى كيانات، متابعا "هناك تصريح أدلى به بوتين أنّه بعد هذه الحرب لن تكون أوكرانيا كما كانت عليه ويبدو أن هذا سيحدث بالفعل".

واعتبر ضيف "ميدي شو" أن أهداف الحرب لم يتم الإعلان عنها مسبقا لكن الأكيد اليوم أن عديد المدن محاصرة برّا وبحرا والملاحظ ان روسيا بصدد إعداد ملفات ما بعد الحرب وكيف سيتم إخراج الجيش الأوكراني والمقاتلين من البلاد ومآل الرئيس فولوديمير زيلينسكي المحاصر في كييف .

 

الحرب الحقيقة والأصعب هي حرب النقاش

وأكّد أن الحرب الحقيقة والأصعب هي حرب النقاش من أجل ترتيب الأوضاع في المنطقة حسب موازين القوى خاصة أن هناك قوى مؤثرة من وراء الستار على غرار الصين التي تساند روسيا.

كما تطرق رافع الطبيب إلى إمكانية اندلاع حرب شوارع في أوكرانيا في الأيام القادمة، مبينا أنه في حال لم تتمّ السيطرة على الأوضاع والتوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين المتنازعين فقد تتطور إلى حرب بين المليشيات والمقاتلين وتجنيد الموقوفين "وهو ما يعني انفلات الأمور وخروجها عن السيطرة ولا يمكن التغافل على أن الأسلحة بكل أنواعها متوفرة في هذه المنطقة" وفقا لتعبيره. 

ثلاث دول سيكون لها دور كبير في إحلال السلم

وشدّد على أن ثلاث دول ستلعب دورا كبيرا لإحلال السلم في المنطقة وهي ألمانيا وتركيا نظرا لموقعها محايد وقربها من روسيا والصين التي ستتم دعوتها لإعادة إعمار أوكرانيا أما بقية الدول الأوروبية فلن يكون لها دور مهمّ.

وتوقّع الطبيب أن لا يكون للولايات المتحدة الأمريكية دور كبير في النزاع بل ستفرض قواعدها فقط "لكن اكبر قوى ستكون الصين التي ستتحوّل إلى أوّل قوة اقتصادية وهذا ما دفع ألمانيا إلى أخذ قرار المرور إلى قوة عسكرية"، متابعا "هناك لعبة جديدة وإعادة تشكل وستظهر أقطاب مختلفة على المستوى الإقليمي كما أن العالم سيتحوّل إلى أقطاب".

وعن تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستعمال أسلحة نووية إستراتيجية خلال العملية العسكرية التي يشنها على أوكرانيا، أوضح الأستاذ الجامعي والباحث في الشؤون الجيوسياسية أنّ هذه الحرب لا تخلو من البروباغندا والتأثير على الرأي العام "وقد يكون لدعوة بوتين الدول الغربية لسحب الأسلحة النووية من كل أوروبا طعم جديد للأوروبيين الذي خرج اغلبهم من العصر النووي خاصة ألمانيا". 

 

على تونس أن تستعد لما بعد الحرب الروسية الأوكرانية

وفي سياق متصل، قال رافع الطبيب أن تونس ليست بمنأى عن هذه الحرب والتغيرات التي ستحدثها في موازين القوى العالمية، داعيا إلى ضرورة الاستعداد لما بعد الحرب "ويجب معرفة المحددات حتى لا ندفع الثمن ومن الضروري اليوم العودة إلى الأسواق القريبة وإعادة النظر في الأسواق الصينية".

كما أشار إلى أهمية إعادة النظر في المنوال المتبع في بلادنا على ضوء هذه الحرب "فنحن دون غذاء ولم نحقق الاكتفاء الذاتي وهو أمر خطير يجعل من تونس مرتهنة للخارج بشكل مخيف" حسب تعبيره.

 

لا نملك إلا خيار الإعتماد على "الذكاء التونسي"
 

وتساءل الطبيب "لماذا لا نوطد اتفاقاتنا مع الجزائر وليبيا لتوفير الماء والغاز وأن نبحث عن حلول بديلة عوض أن نلتجئ إلى اقتناء القمح بالعملة الصعبة ؟"

وشدّد على أن بلادنا لا تمتلك إلا حّل واحد هو الاعتماد على الذكاء التونسي والابتعاد عن الحلول البسيطة على المدى القصير "يجب التفكير في الأجيال القادمة ونحن امام فرصة تاريخية لاستغلال الأوضاع والتغييرات الجيوسياسية لوضع موطأ قدم".

 

 

*أميرة العلبوشي